www.alislam.com
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرة منتديات فرسان الاسلام.. لذا نرجوا منك التسجيل
www.alislam.com
عزيزي الزائر الكريم .. زيارتك لنا أسعدتنا كثيراً .. و لكن لن تكتمل سعادتنا إلا بانضمامك لأسرة منتديات فرسان الاسلام.. لذا نرجوا منك التسجيل
www.alislam.com
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


فرسان الاسلام
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول



بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
المواضيع الأخيرة
» تبادل ا علانى
 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالخميس يونيو 16, 2011 12:29 pm من طرف Admin

» اتحب الخير لأمك?‎
 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالخميس يونيو 09, 2011 7:03 am من طرف @@@((محمد))@@@

» صور اسلاميه متحركه 2
 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالثلاثاء مايو 31, 2011 2:55 pm من طرف Admin

» حتى لا يغار ابنك من المولود الجديد
 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالأحد مايو 29, 2011 4:09 pm من طرف عبير

»  العشرة المبشرون بالجنة
 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالسبت مايو 28, 2011 10:40 am من طرف عبير

»  لطلاب العلم : سلسلة شرح كتاب العلم من صحيح البخاري
 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالسبت مايو 28, 2011 10:39 am من طرف عبير

»  هيا بنا نرحب بتسنيم
 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالسبت مايو 28, 2011 10:19 am من طرف عبير

» قصيدة لي اعز صديقاتي عبيروتظل الحياه رائعه
 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالسبت مايو 28, 2011 10:03 am من طرف عبير

»  كلام ربي ... كلام ربي
 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالسبت مايو 28, 2011 9:31 am من طرف تسنيم

ازرار التصفُّح
 البوابة
 الرئيسية
 قائمة الاعضاء
 البيانات الشخصية
 س .و .ج
 بحـث
منتدى
التبادل الاعلاني

 

  بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبير

عبير


عدد المساهمات : 128
تاريخ التسجيل : 16/03/2011
العمر : 28
الموقع : http://romayssa.mam9.com/

 بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  Empty
مُساهمةموضوع: بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:     بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:  I_icon_minitimeالجمعة مارس 25, 2011 2:00 pm

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم جميعا ورحمته وبركاته ...
اقدم بين اياديكم الكريمة هذا الموضوع وبه افيدكم عن انتشار الاسلام الواسع في زمن الخلفاء الراشيدن رضوان الله عليهم اجمعين ! فلو انه كان في زمنه خللافات مثل ما سمعنا وراينا وقرانا لما انتشر الاسلام في اصقاع الارض ومغاربها ,,,وهذا يدل على انه الخلفاء الراشدين كان يدا واحده هدفهم ليس السعي وراء الجاه والخلافة واللهث وراء الدنيا بل هدفهم اسمى واشرف واطهر من ما سمعنا وقرانا في بعض الكتب
اليكم من سيرة الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم اجمعين ...


الحمد للّه على نعمه التي لا تُحصى، وعطائه الذي لا يستقصى، الحمد له سبحانه وتعالى أولاً وأخراً الذي أتم نعمه على البشرية بالإِسلام، وجعله هو الدين. وهو القائل جل وعلا:

{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}[1].

وصـلى اللّه على سيدنـا محمد الأمين الذي قام بعبء الدعوة، وعلمها المسلمين منهجاً، قولاً وعملاً وأسلوباً، صلى اللّه عليه وعلى آله، ورضي اللّه عن أصحابه البررة وعن تابعيهم وتابعي تابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:

فإني أسأل اللّه سبحانه أن يجعل من بحثي هذا لبنة في بناء توضيح دعوة الإسلام وانتشارهـا بين الأمم التي أظلتها راية الإسلام في الفتوحات الإسلامية زمن الراشدين، وتوضيح الصلة الوثيقة بين الدعوة والتاريخ الإسلامي، حيث أن تاريخ الإسلام هو تاريخ هذه الدعوة بالدرجة الأولى.

وعهد الخلفاء الراشدين (11-40 هـ) هو أفضل عهود الدعوة الإسلامية بعد عهد النبوة، فقد نهلوا من مدرسة القرآن الكريم، مدرسة النبوة، فاتضحت لهم مهمتهم في تبليغ الدعوة، فكانوا الأسوة الحسنة للدعاة إلى اللّه بعد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وطريقتهم حجة. قال صلى الله عليه وسلم:

"عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكـم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة "[2] (2).

وجاء في الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم قال:

"كيف ترون القوم صنعوا حين فقدوا نبيهم، وأرهقتهم صلاتهم".

قلنا: اللّه ورسوله أعلم.

قال: "أليس فيهم أبو بكر وعمر، إن يًطيعوهما فقد رشدوا، ورشدت أمتهم، وإن يعصوهما، فقد غووا، وغوت أمتهم". قالها ثلاثاً[3].

وقد برزت في عهد هؤلاء الخلفاء ذاتية الأمة الإسلامية بوضوح، على أسس متينة قويمة من العقيدة والشريعة التي جاء بها الإسلام في كتاب اللّه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. واتضحت فيه مهمة الأمة المسلمة في تبليغ الدعوة، وإخراج الناس من ظلم العباد إلى عدل الإسلام، ومن ظلام الشرك إلى عبادة اللّه وحده.



عالمية الدعوة الإسلامية:

اتّسمَ الإسلام بالطابع العلمي منذ نزول أول آية على رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار حراء {اقْرَأ} فهي دعوة آمرة إلى الثقافة، إلى العلم، إلى التفكـير، إلى البحث المستفيض في ملكوت اللّه، في السماء والأرض، في الجبال، في كل ما خلق الله تعالى من كائنات صغرت أم كبرت[4]. دعوة ذات نظرة كلية شاملة إلى الكون، والإنسان، والحياة، وما قبل الحياة وما بعدها.

وتتابعت بعدها الآيات المحكمات، يلقيها جبريل عليه السلام على قلب محـمد صلى الله عليه وسلم، يتنزل بها من لدن حكيم خبير، من خالق السماوات والأرض، فيعيها محمد صلى الله عليه وسلم وعياً كاملا، ويبلغها بأمانة وقوة، وإخلاص. والآيات تبين- والدعوة لم تزل في مكة لم تخرج عن نطاقها- أن الدعوة عالمية، ليست محدودة بشعب من الشعوب، ولا مكان دون مكان، ولا بزمان دون زمان، دعوة للبشر عامة، ولعموم الأزمنة والأمكنة، حيث أن محمداً- هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وبه تم الإسلام، وتأكد ذلك حين صلى بالأنبياء إماماً في صلاة جامعة ببيت المقدس ليلة إسرائه، وتأكدت بذلك وحدة الرسالات، وببعثة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تم بناء الإسلام.

ومن الآيات المكية التي أكدت على عالمية الدعوة:

قوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}[5].

وقوله تعالى: {إِنْ هُوَ إِلا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ لِيُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكَافِرِينَ}[6].

وقوله سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً}[7].

وقوله: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً وَنَذِيراً}[8].

وقوله جلّ وعلا: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً}[9].

وكانت المدينة المنورة هي أول فتح إسلامي مجيد، فتحت قلبها بالدعوة، وشرفت بهذا الاسم- المـدينـة[10]. واختصت به. فاستقبله المهاجرين، ونصرت رسـول الله صلى الله عليه وسلم، واحتضنت الدعوة، وأضحت نقطة ارتكاز، انطلقت منها الدعوة بعد أن تكونت فيها أول حكـومـة إسـلامية، برئـاسـة محمد صلى الله عليه وسلم، وأسلمت له قيادها، فطبق أحكام الإسلام في الداخل، وقامت فيها حياة إسلامية كاملة، وحملت الدعوة إلى خارجها بالجهاد في سبيل اللّه.

وقد بُنِيَت الدولة الإسلامية على أساس العقيدة الإسلامية، وعلى أساس الآيات التي استمرت تتنزل منجمة عام الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم، إلى أن تم هذا الدين في السنة العاشرة من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم في قوله سبحانه وتعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً}[11].

وتخطت دولة الإسلام منذ قيامها الحدود الأرضية، والحواجز الجنسية، والعرقية، واللونية، وترفعت على جميع الروابط الأرضية، وجعلت أساس التفاضل التقوى، استجابة لقوله سبحانه وتعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}[12].

وقد أكد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم هذا المبدأ الرائع في حجة الوداع حتى تهتديَ أمته بهديه فقال:"... إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، كلكم لآدم، وآدم من تراب، أكرمكم عند اللّه أتقاكم، وليسر لعربي فضل على عجمي، ولا لأبيض على أسود فضل إلا بالتقوى"[13].



الجهاد من وسائل تبليغ الدعوة ونشرها:

وفرض اللّه سبحانه وتعالى الجهاد على المسلمين من أجل تبليغ الدعوة، وتم هذا الفرض على مراحل بدأت قبل وصول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة في هجرته، وبالجهاد تمت الفتوحات الإسلامية.

وقـد جاءت أدلـة الجهـاد عامة ومطلقة، تشمل الحرب الدفاعية، ومبادأة العدو بالقتال، والحرب المحدودة، وغير المحدودة[14]. وهدفه إزالة الحواجز وتخطّي العقبات التي تعترض طريق تبليغ الدعوة:

إلى دفع الظلم ورد كيد الظالمين في قوله تعالى:

{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ...}[15].

وإلى رد الاعتداء في قوله سبحانه:

{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}[16].

وإلى نجدة المستضعفين في الأرض، في قوله سبحانه:

{وَمَا لَكُمْ لا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيّاً وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً}[17].

وإلى حماية الدين والتمكين من التوحيد في قوله جلّ وعلا:

{وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوَانَ إِلا عَلَى الظَّالِمِينَ}[18].

فالجهاد في سبيل اللّه ليست غايته حمل الناس على الإِسلام، وإكراههم على اعتناقه، وليس لاستعمار الشعوب ونهبها، واستغلال خيراتها واستعباد أفرادها وإذلالهم، إنما هو فرض لمصلحة البشر، ولفائدة المجتمعات لا فساح المجالس لتوحيد اللّه سبحانه وعبادته، وتكوين مجتمع الخير والعدل، بإزالة العقبات والحواجز التي تحول بين الناس وإبلاغهم دعوة الإسلام.

قال تعالى:

{الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ}[19].

والقتال في سبيل الله هو جهاد ليكون الدين كله للّه وحده، ولتكون كلمة الله هي العليا[20]. وقد ورد تعبير "في سبيل اللّه" مرتبطاً بالجهاد والقتال اثنتين وثلاثين مرة في القرآن الكريم، ولا يكاد أمر بالقتال يخلو من هذا التعبـير في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.



الرسول صلى الله عليه وسلم وضع خطة الفتوحات لنشر الإسلام:

قام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة بتبليغ الدعوة بالطرق والوسائل المتاحة له، وكان يتصل بالقبائل، ويحضر الأسواق، ويدعو الزعماء لنصرته، إلى أن كانت بيعة العقبة الأولى في السنة الثانية عشرة من البعثة النبوية، وبيعة العقبة الثانية في السنة الثالثة عشرة من البعثة النبوية مع أهل المدينة، وتكونت دولة الإسلام في المدينة، فقام بعبء الجهاد قي سبيل اللّه، لتبليغ الدعوة، إلى جانب إرسال الكتب والرسل إلى من كان يعاصره من الملوك، والأمراء، والقادة، والزعماء.. واتضحت معالم هذه الوسيلة الأخيرة بعد هدنة الحديبية عام 6 هـ [21]. وهذه الكتب واضحة الدلالة على تطبيق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عملياً لما تردد في القرآن الكريم من دعوة الناس جميعاً لاعتناق الإسلام.

وقد حاول كثير من المستشرقين إنكار بعثة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة، متجاوزين ما ورد من آيات بينات تلك التي وردت في القرآن الكريم في الفترة المكية، والفترة المدنية، ومتجاوزين إجماع المسلمين على هذا الأمر، وجعلوا من أنفسهم حكماً على تاريخ الإسلام وتـاريخ الدعوة، فقاموا بدراسات متجنّية على الإسلام والمسلمين، وعلى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم، بل وساخرة أحياناً [22]. في حين لم ينكر بعضهم ذلك[23].

ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم قام فعلاً بتبليغ الدعوة ونشرها عن طريق الجهاد، وغزواته وسراياه كثيرة[24]. وتظهر في بعضها خطته في نشر الدين خارج شبه الجزيرة العربية. وهذه الخطة حاول معظم المستشرقين التشكيك فيها كعادتهم حتى الذين لم ينكروا بعثته صلى الله عليه وسلم إلى الناس كافة[25]. رغم وضوح هذه الخطة، ورغم استمرارها في عهد خلفائه الراشدين بعد التحاقه بالرفيق الأعلى.

فقد بعث صلى الله عليه وسلم خمسة عشر رجلا إلى ذات أتلاح على مشارف بلاد الشام، يدعون إلى الإسلام، فاستشهدوا جميعاً، لم ينجُ إلا رئيسهم كعب الذي عاد جريحاً[26].

ووجه صلى الله عليه وسلم سرية مؤتة لتأديب القبائل الغادرة، ولتكون طليعة حملة أكبر لفتح الشام عام 8 هـ[27] قبل فتح مكة وقد تصدى لهذه السرية الروم البيزنطيون بقبائل العرب المتنصرة، وعادت دون أن تحقق نجاحاً عسكرياً، ولكنها أدت دوراً في تبليغ الدعوة، فوصلت الدعوة حدود الشام، وبدأت تمتد بين القبائل الخاضعة للروم، قبل أن تعمّ شبه الجزيرة العربية.

ووجه صلى الله عليه وسلم حملة بقيادة عمرو بن العاص في المهاجرين الأولين إلى الشمال، وفيهم أبو بكر، وعمر، وأبو عبيدة، قبل أن يتوجه لفتح مكة عام 8 هـ. فوطيء عمرو أرض طيء، وبلي، وعذرة، وبلقين في غزوة ذات السلاسل[28]. وكلها قبائل كانت تخضع للروم البيزنطيين بشكل أو بآخر.

وبعد غزوة حنين ورجوعه من حصار الطائف قاد صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك بنفسه عَام 9 هـ. وكـانت تظاهرة إسلامية كبيرة، وصل عدد الجيش الإسلامي فيها ثلاثين ألفاً، وهو أكبر جيش شهدته الجزيرة العربية حتى ذلك التاريخ، وقد تنافس المسلمون في تجهيزه، في النفقـة، وتنـافسـوا في النفير، في زمن عسرة، وشـدّة الحـرّ، فسمي الجيش بـ "جيش العسرة"[29]. وكانت اختبارا وفقاً لأمة الجهاد بالفعل، كشفت بوضوح خطة الرسول صلى الله عليه وسلم بالعمل على تبليغ الدعوة ونشرها بطريق الجهاد والفتح، ووضعت الأسس التي ستسير عليها الفتوحات الإسلامية زمن الراشدين والأمويين، وما يجب أن تسير عليه الأمة المسلمة في جميع عصورها.

ومـع أن المسلمين لم يصطدموا بالروم البيزنطيين في غزوة تبوك، فإنها كرّست هيبة المسلمين في الجهات المحاذية للروم أولاّ، واخترقت الدعوة بلاد الشام ثانياً، فأسلم بعض عربها كفرْوة بن عمرو الجذامي، الذي صلبه الروم بسبب ذلك[30]. وقدمت بعض وفودهم كوفد الداريين، وعلى رأسهم تميم الداري[31] رضي الله عنه.

واستمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يبن للأمة المسلمة خطة الفتح، وطرق تبليغ الدعوة خارج شبه الجزيرة، فأمر بتجهيز جيش أسامة وأمر بإنفاذه (أثناء مرضه) إلى الشام[32].

وبهذا يتضح أن الفتوحات الإسلامية لم تأت وليدة الصدف، ولم تكن خطة الفتح ارتجالية، وإنـما كانت وفق خطة واضحة، راشدة، واضحة أسسها النبي صلى الله عليه وسلم وسار الخلفاء الراشدون رضي اللّه عنهم من بعده على منهجها. فأنفذ أبو بكر بعث أسامة إلى الشام رغم ظروف المدينة الحرجة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، بسبب ردة العرب ردة عامة أو خاصة، وتطلع القوى المعادية للدعوة الإسلامية إلى القضاء على الإسلام ودولته، فكانت معارضة بعـض الصحابة في إنفاذ جيش أَسامة[33].

وقـام أبو بكر رضي الله عنه بتوجيه عبادة بن الصامت رضي الله عنه إلى "هرقل" إمبراطور الروم يدعوه إلى الإسلام، أو الجزية، أو يؤذنه بحرب، فقام عبادة رضي الله عنه بمهمته[34].

كل ذلك ليؤكد أبو بكر للمسلمين خطة الرسول صلى الله عليه وسلم في الفتوحات عملياً.

ولمـا تم القضاء على حركة الردة قاما أبو بكر رضي الله عنه مباشرة بتوجيه الجيوش الإسلامية إلى العراق والشام، وفي وقت واحد، أن قام بمواجهة الدولتين الكبيرتين في العالم آنـذاك- دولة فارس الكسروية ودولة الروم البيزنطيين القيصرية- دون أن يحسب حسابا للقوى المادية، من حيث العَدد والعُدد، وذلك قياماً لما يطلبه الإسلام من تبليغ الدعوة، واتبـاعـاً لأساليب الرسول صلى الله عليه وسلم، وتنفيذا لخطته. فتوجهت قوات الإسلام، للفتح، تحقيقاً لأهداف فرضية الجهاد في سبيل الله.



المبشرات من عوامل القوة النفسية التي سهلت الفتح:

وكانت هذه القوات الإسلامية تتحرك وهي على ثقة تامة بالنصر، فقد بشرهم الله سبحانه وتَعالى بالنصر في كثير من الآيات الكريمة، في مثل قوله تعالى:

{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ}[35].

وبشرهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بفتح اليمن، والشام، والمشرق، والمغرب، حين كانوا في أشد حالات الضيق في غزوة الأحزاب (يوم الخندق) عام5 هـ[36].

وعندما وَفدَ تميم الداري إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه حبرى، وبيت عينون ومسجد إبراهيم علية السلام (حبرون)، وكتب له بذلك كتاباً[37]. وهذه من أرض الشام التي كانت تخضع لحكم الدولة البيزنطية، فهي بشارة بفتح الشام.

وقـد حرم اللّه سبحانه وتعالى على الروم أن يملكوا بلاد الشام برمتها إلى أخر الدهر، كـما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"إذا هلك كسرى، فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا قيصر بعده، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله عز وجل"[38].

وهذه بشارة بفتح الشام في العراق وبلاد فارس.

ٍوعندما وفد عدي بن حاتم رضي اللّه عنه[39] بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بفتح العملاق والمشرق قائلا (عن عدي بن حاتم):

"... إني أعلم الذي يمنعك من الإسلام، تقول: إنـما اتبعه ضعفة الناس، ومن لا قوة لهم، وقد رمتهم العرب، أتعرف الحـيرة؟" قلت: "لم أرها، وقد سمعت بها".

قال: "فالذي نفسي بيده ليتمن اللّه هذا الأمر، حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد، وليفتحن كـنوز كسرى بن هرمز".

قال: قلت: "كنور ابن هرمز؟!"

قال: "نعم كسرى بن هرمز، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد..."[40].

وبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بفتح مصر في قوله صلى الله عليه وسلم:"إنكم ستفتحون مصرِ، وهي أرض يسمى فيها القيراط، فإذا افتتحتموها فأحسنوا إلى أهلها، فإن لهم ذمة ورحماًَ- أو قال: ذمة وصهراً"[41].

يشير بذلك إلى هاجر أم إسماعيل عليه السلام، وإلى مارية القبطية أم إبراهيم ابنه.

وسئل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أي المدينتين تفتح أولاً؟ فقال:

"مدينة هرقل"[42] إشارة إلى القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية، والمدينة الأخرى يقصد بها "روما" مركز البابوية في إيطاليا.

وهذه المبشرات ليست تنبؤات بشرية تصيب مرة، وتخطيء مرات ولكنها مبشرات يقينية، صدرت من رسولِ اللّه الذيَ لا ينطق عن الهوى: {إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى}[43] - وقد أضافت دليلاً صادقاً على وجود خطة منظمة للفتح، وعلى عدم ارتجالية الفتوحات، دفعت المسلمين لفتح الأمصار زمن الراشدين والأمويين، وهم على يقين من تحقيق ذلك.

وكان القادة يُرَغّبون جند الإسلام في الجهاد، ويعلمونهم ما وعد اللّه نبيه من النصر، وإظهار دينه[44].

وقد تجاهل المستشرقون هذه الأخبار الثابتة من عمل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأقواله، وصوروا الفتوحات الإسلامية على أنها حركـة ارتجالية، هدفها القوي رغبة أبي بكر في إشغال العرب عن أنفسهم، وخصوماتهم، وإغرائهم بالغنائم، والمنافع المادية[45]. وأقوالهم تلك تدحـضها الحقائق الثابتة، كـما وقعوا في التناقض كـعادتهم عند تناولهم أحداث التاريخ الإسلامي، والحضارة الإسلامية.

وكمثال على ذلك يقول "بروكلمان" متلاعباً بالألفاظ:

"ما في مقدور أبي بكر أن ينفذ خطة النبي الأخيرة[46] - تلك التي تفضي بنشر الإيمان في ما وراء حدود الوطن الأم، ذلك بأنه كان عليه أن يوجد فرصة من النشاط الخارجي لهـذه القوى التي كانت في الماضي على استعداد دائم لأن تتفانى في منازعَات لا نهاية لها"[47].

وعلى العموم فقد كانت هناك خطة واضحة للفتوحات الإسلامية من أجل تبليغ الدعوة، وهي خطة راشدة مستنيرة حتى أن أبا بكر رضي اللّه عنه منع المرتدين من الاشتراك في الفتوحات الأولى[48]. وهذه الخطة تُقدم إذا كان الإقدام حزماً ومناسباً، وتتأنى إذا كان التأني خيراً للمسلمين وللشعوب غير المسلمة من أهل البلاد. فتردّد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الانسياح- في بلاد فارس، وفي فتح مصر (إن صح)، وفي فتح الهند، وفي فتح إفريقيا- لم يكن مبعثه عدم الرغبة في فتح هذه البلاد أمام دعوة الإسلام، ولكنه من ضمن خطة، لتثبيت المكاسب الإسلامية، والتمكن من إقامة الإسلام في الأراضي المفتوحة، واستنهاض طاقات الشعوب التي أظلتها رايته، وتجميعها، ثم توجيهها الوجهة الصالحة، ومن أجل الدعوة، حتى تصبح تلك الأقطار نقاط ارتكاز جديدة ، تنطلق منها الدعوة وتمتد، إلى أقـطار أخـرى، تسهم فيها شعوب تلك الأقطار بدلاً من أن تكون شوكـة في جنب المجاهدين، أو خنجراً يوجه إلى ظهورهم في خلفهم.



جند الإسلام وقادتهم دعاة:

الجيش الإسلامي داعية بسلوك قادتـه، وأفراده، وعلمائه، في أقوالهم وأعمالهم. تدفعهم العقيدة للجهـاد، والرغبة في إنقاذ الأمم والأفراد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام. وقد تميزوا بالتمسـك بالعقيدة، والتـزموا بأحكـام دينهم. فكـان الخلفـاء والقـادة يوصون جندهم بالاستعانة باللّه، والتقوى، وإيثار أمر الآخرة على الدنيا، والإخلاص في الجهاد، وإرادة اللّه في العمـل، والابتعـاد عن الذنوب[49]. فكان عمل القادة والجند تبليغ الدعوة، وتميزت مواقفهم بأنها أنبل المواقف التي عرفها التاريخ العالمي.

فكـان القادة على رأس جنـدهم، يتلقـون الصدمات الأولى في معارك الجهاد، فاستشهد كثير منهم مثل: المثنى بن حارثة الشيباني، وأبو عبيد الثقفي الذي اندفع لنيل الشهادة مع أولاده الأربعة يوم الجسر مع سبعة من قادة المسلمين، وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الأزور، والنعمان بن مقرن رضي اللّه عنهم جميعاً.

والقادة الذين ضربوا أروع أمثلة الجهاد في سبيل اللّه كثير عددهم مثل:

أبـو عبيدة عامر بن الجراح- أمين الأمة- وشرحبيل بن حسنة، ومعاذ بن جبل، وحذيفة ابن اليمان، وعمرو بن العاص، والزبير بن العوام، والقعقاع بن عمرو التميمي، وعاصم بن عمرو التميمي، ويزيد بن أبي سفيان، وعياض بن غنم، وهاشم المرقال، وسعد بن أبي وقاص، وعتبة بن غزوان، والأحنف بن قيس، وعبد اللّه بن عامر وغيرهم كـثير رضي الله عنهم جميعاً من القادة الذين أنجبتهم مدرسة الإسلام، وربوا على يدي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، أو صحابته. فضربوا أعظم الأمثلة في النبل، والشجاعة، والوقار، والتقوى، فكان أثرهم كبيرًا في عوامل النصر، وفي تبليغ الدعوة في البلاد المفتوحة.

وكـان من السنة التي سن الرسول صلى الله عليه وسلم بعد معركة بدر الكبرى عام 2 هـ- أولى معارك الإسلام الحاسمة- أن تقرأ سوره الجهاد عند اللقاء، وهي سورة الأنفال[50] ليبقى تعلق الجند بالله، والثقة بنصر الله.

ولما فتح خالد بن الوليد الحيرة عام 12 هـ صلى صلاة الفتح ثماني ركعات لا يسلم فيهن[51].

وبعد معركة الفراض عام 12 هـ مع الفرس والعرب المتنصرة في العراق- وكانت من أشد معارك الأيام- وعودة الجند الإسلامي إلى الحيرة أمر خالد بن الوليد عاصم بن عمرو التميمي أن يسـير بالجيش، وأظهر أنه في الساقة، وأدى فريضة الحج، شاكراً أنعم اللّه سبحانه. وكانت غيبته عن الجيش يسيرة، فـما توافى آخر الجيش إلى الحيرة، حتى وافاهم مع صاحب الساقة الذي وضعه، فقدما ولم يدرِ أحد بذلك، وكذلك لم يعلم أبو بكر رحمه اللّه إلا بعد، فغضب عليه، وأمره ألاّ يعود لما فعل[52].

ولما افتتح سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه المدائن- عاصمة الفرس- دخل إيوان كسرى، وصلى صلاة الفتح ثماني ركعات بتسليمة واحدة[53]. وقرأ:

{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ }[54].

ولما افتتح عبد اللّه بن عامر خراسان عام 31 هـ أحرم من نيسابور وأدى فريضة الحج شكراً للّه سبحانه وتعالى[55] وقد لامه عثمان رضي اللّه عنه على ذلك.

وكـان هؤلاء القادة يسيرون خلف جندهم في وقت الأمن والعودة، يرفقون بهم، ويحملون الكلّ ويعينون الضعيف.

واقرأ ما قالـه رسل "المقوقس" إلى عمرو بن العاص بعد أن لبثوا يومين في جيش المسلمين- بعد أن عادوا إليه:

"رأينا قوماً، الموت أحبّ إليهم من الحياة، والتواضع أحبّ إليهم من الرفعة ليس لأحد منهم في الدنيا رغبة ولا نهمة، جلوسهم على التراب، وأميرهم كواحد منهم، ما يُعرف كبيرهم من وضيعهم، ولا السيد فيهم من العبد، وإذا حضرت الصلاة لم يتخلف عنها أحد، يغسلون أطرافهم بالماء، ويخشعون في صلاتهم"[56].

وقد وصفهم أعداؤهم بأنهم:

"رهبان في الليل، فرسان النهار، لو حدثك جليسك حديثاً ما فهمته، لما عَلاَ من أصـواتهم بالقـرآن والـذكر، يصومون النهار، ويقومون الليل، ويوفون بالعهد، ويأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ويتناصحون بينهم، يعفّون عن المغانم، ولا يستحلًونها إلاّ محلّها"[57].

وهذه الصفات التي تمتع بها القادة والجند استهوت أهل البلاد المفتوحة، وكانت من أهم أسباب تسارع الناس إلى اعتناق الإسلام.



تطبيق مبادئ الحـرب في الإسلام:

طبق المسلمون قواعد الإسلام في حربهم، فكانوا يعرضون على أعدائهم أحد أمرين قبل القتال: الإسلام، أو الجزية:

فمن أجـاب للإسلام كان أخاً للمسلمين له ما لهم، وعليه ما عليهم، ومن أبى وأجاب للجـزية قبل الحرب، فليس عليه ذل أو صغار، ويبقى في أرضه مكرّماَ في ذمة المسلمين، أماّ من حارب حتى رضخ للجزية فهو الصّغار، الذي هو الخضوع لأحكام الإسلام. قال الإمام الشافعي:

وسمعت عدداً من أهل العلم يقولون:

"إن الصّغار أن يجريَ عليهم حكم الإسلام "[58].

وهذا محتوىَ الآية الكريمة في قوله تعالى:

{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}[59].

فكن أول ما يبتدئ به القادة المسلمون: الدعوة إلى الإسلام. والأمثلة على ذلك كثيرة أذكر منها:

- دعوة خالد بن الوليد لأهل الحيرة، عندما خرج إليه أشرافهم.

فقال لهم: "أدعوكـم إلى الله، وإلى الإسلام..."[60].

- وعندما واجه خالد بن الوليد "جرجة" أحد قادة الروم مبارزاً إياه يوم اليرموك، دعاه إلى الإسلام، وبدت له محاسنه، وأكد له:

"أن أجر من يدخل الدين، مثل السابقين، وأفضل".

فكان أن أسلم "جرجة" وقاتل قومه، واستشهد مع المسلمين يوم اليرموك[61].

_ وتظهر الدعوة إلى الإسلام بوضوح في المفاوضات التي كانت تسبق المعارك الحاسمة كالقادسية واليرموك، وأجنادين، ونهاوند، وجلولاء، وبابليون...

- ففي القادسية: ترددت الرسل بين سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه، و"رستم" قائد الفرس. وكان "رستم" قد طلب من سعد أن يوجه إليه بعض أصحابه فأرسل إليه المغيرة بن شعبة رضي اللّه عنه، فقصد سرير "رستم" وكان يجلس عليه، وهو من الذهب، وقد زيّن مجلسه بالفرش المنسوج بالذهب، ولبس على رأسه التاج وأقيمت الفيلة حول المكان- وأراد المغيرة أن يجلس على سريره معه، فمنعه الأساورة، وبعد مداولات قال المغيرة:

"إن اللّه بعث إلينا نبيه صلى الله عليه وسلم، فسعدنا بإجابته، واتباعه وأمرنا بجهاد من خالف ديننا، حتى يعطوا الجزية، ونحن ندعوك إلى عبادة اللّه وحده، والإيمان بنبيه صلى الله عليه وسلم، فإن فعلت، وإلا فالسيف بيننا وبينكم".

ولما قال "رستم":

"والشمس والقمر، لا يرتفـع الضحى غداً حتى نقتلكـم أجمعـين"، قال المغيرة: "لا حول ولا قوة إلا باللّه" وانصرف عنه[62].

وكـان "رستم" قد استمع إلى عدد من رسل المسلمين، وبينوا له أهداف الجهاد، فأعجب بالمسلمين، وبإجاباتهم السديدة حتى قال لأصحابه:

"انظروا فإن هؤلاء لا يخلو أمرهم من أن يكون صدقاً، أو كذباً، فإن كانوا كاذبين، فإن قوماً يحفظون أسرارهم هذا الحفظ، ولايختلفون في شيء، وقد تعاهدوا على كتمان سرهم هذا التعـاقد، بحيث لا يظهر أحد منهم سرهم، لقوم في غاية الشدّة والقوة، وإن كانوا صادقين، فهؤلاء لا يقف حذاءهم أحد"[63].

_ وفي مفاوضات حصن بابليون عام 20 هـ، استقبل عمرو بن العاص، رسل المقوقس في محاولة للتوصل إلى الصلح، فأبقاهم عنده يومين- ليشاهدوا حياة المسلمين الإسلامية، وهي طريقة ناجحة لتبليغ الدعوة، كما كان يفعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مع الوفود- وبعد ذلك قال لهم عمرو:

"ليس بيننا وبينكم إلا إحدى خصال ثلاث: الدخول في الإِسلام، فتكونون إخواننا، ولكم ما لنا، وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فالجزية، وإما القتال، حتى يحكما الله بيننا وبينكم، وهو أحكم الحاكمين"[64].



الغنائم نتيجة وليست سبباً في الفتوحات:

الإسلام هو الدين الذي ارتضاه اللّه لعباده جميعاً.

قال تعالى:

{إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإِسْلامُ}[65].

وقوله سبحانه وتعالى:

{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}[66].

ورابطة الإسلام تعلو وتسمو على الروابط القبلية، والإقليمية، والوطنية، والقومية. قال تعالى:

{قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ}[67].

واستنفر الإسلام المسلمين لتبليغ دعوته، وأمرهم أن ينفروا خفافاً وثقالاً. قال تعالى:

{انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}[68].

فقام المسلمون بذلك، وقدموا أموالهم وأنفسهم، وسارعوا إلى الجهاد والفتح، وحملوا الدعوة وبلغوها.

عن صفوان بن عمرو قال:

"كنت والياً على حمص، فلقيت شيخـاً قد سقط حاجبـاه، من أهل دمشق، على راحلته، يريد الغزو. قلت:

"يا عم، أنت معذور عند اللّه".

فرفع حاجبه وقال:

"يا ابن أخي استنفرنا اللّه خفافاً وثقالاً، ألا من أحبه الله ابتلاه".

وعن الزهري قال:

"خرج سعيد بن المسيب إلى الغزو، وقد ذهبت إحدى عينيه. فقيل له: إنك عليل، صاحب عذر.

فقال: "استنفر الله الخفيف والثقيل، فإن عجزت عن الجهاد، كثّرت السواد، وحفظت المتاع"[69].

وكان ابن أم مكتوم رضي اللّه عنه أعمى وأنزلت فيه {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ}فكان بعدُ يغزُ ويقول:

"ادفعوا إليّ اللواء، فإني أعمى لا أستطيع أن أفرّ، وأقيموني بين الصفين"

وحضر القادسية ومعه راية سوداء وعليه درع. ويقال انه استشهد يوم القادسية[70].

فكـان توجـه الفـاتحين إرضاء للّه سبحانه وتعالى، وابتعدوا من المصالح الدنيوية، واصطدموا بالدولتين الكبريات فارس، والروم، دون أن يكون هناك نسبة بالمقاييس المادية بين الفاتحين والدولتين، لا في العدد ولا في العدة، فـما من معركة خاضها المسلمون إلا وواجهوا قوات أكثر عدداً وعدة، وكانت كل من الدولتين تحشد عدداً كبيراً من الجند يدل على قوتها، لا على ضعفها[71]. وإن من يقدم حياته من أجل عقيدته لا يفكر بالغنائم، فكانت الغنيمة نتيجة للفتوحات وليست سبباً فيها، فنال المسلمون خيري الدنيا والآخرة، وكانوا يؤثرون الشهادة على الغنيمة، وعلى الحياة. ولا يعني هذا أن جميع الجند كانوا يحملون هذه الروح، بل وُجد بين المسلمين من اندفع من أجل الغنيمة. وهؤلاء لا يعتَدّ بهما، وليسوا سبباً في الفتوحات، ولا يخلو من أمثالهم زمن، حتى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين، وحصار الطائف، وغزوة تبوك وغيرها، ومن البديهي أن ذلك لا يمثل القيادة الفكرية التي كانت تدفع المسلمين للفتوحات، وتبنّاها الخلفاء والقادة والجند، ونفّذها الجند المسلم.كما أنه لا يمثل بحال من الأحوال وجهة نظر الأمة المسلمة، ورأيها العام. ولذلك فقد تعرض أمثال هؤلاء للسخرية اللاذعة، كقول الشاعر:

فلا جنة الفردوس أراك تبتغي
ولكن دعاك الخبز أحسب والتمر

وهذا تحقير لمن جعل همه المغانم، لا الجهاد في سبيل اللّه، الذي يفضي إلى الجنة[72].

ولهذا فقد تميز الجند الإسلامي بالحرص على نيل الشهادة، والعفّ عن المغانـم، وعدم استحلالها إلا محلها، تشهد بذلك النصوص الصريحة الكثيرة، وشهد بذلك أعداؤهم[73].

فنجد أبا بكر رضي الله عنه يكتب إلى قادته باستنفار من قاتل أهل الردة، ومن ثبت على الإسـلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ويأمرهم ألا يسمحوا لأحد أرتد بالغزو معهم[74] ، فلم يشترك أن ارتد في الفتوحات إلا بعد أن قطعت شوطاً كبيراً زمن عمر رضي اللّه عنه، الذي سمح لهم بالمشاركة في الجهاد، ولم يسمح لهم بتولي قيادة. وبذلك تنهار فكرة اشغال أبي بكر رضي اللّه عنه للعرب في الفتوحات الإسلامية.

ولما افتتحت المدائن- طيسفون- عاصمة الفرس عام 16 هـ، لم يأخذ أحد من الجيش لنفسه شيئاً مما وقع في يده، وإنما أدّاها بتمامها إلى سعد بن أبي وقاص رضي اللّه عنه، ولما رأى سعد أمانة رجاله قال:

"واللّه إن الجيش لذو أمانة، ولولا ما سبق لأهل بدر، لقلت أنها على فعيل أهل بدر"[75].

ولما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه مقدار ما وصل إليه من أموال إلى المدينة، قال:

"إن جيشاً أدّى هذا لذو أمانة".

فأجابه علي رضي الله عنه:

"عففت فعفّت الرعية، ولو رتعت لرتعوا"[76].

ولما انسحب المسلمون من حمص في خطة عسكرية محكمة لمواجهة القوات البيزنطية في اليرموك، أعادوا الجزية لأهل حمص، مخالفين كل ما يتوقعه الناس من جند ينسحب عن مدينة (إذ يعمل فيها الخراب والتدمير)، فدهش أهلها، فقال لهم المسلمون:

"قد شغلنا عن نصرتكَـم، والدفع عنكـم، فأنتم على أمركـم". فقالوا:

"لولايتكـم وعَدلكـم أحبّ إلينا مما كنا فيه أن من الظلم والغش".

ومنعوا الروم من دخول المدينة، وكذلك فعل أهل المدن التي صولحت من النصارى واليهود[77].

ومما يلفت النظر ويذكر بفخر لحملة الإسلام الأول من القادة و الجنـد، قلة أموالهم في العراق وخراسان والشام ومصر بالقياس إلى غيرهم. لأنهم كانوا لا يمدون يداً إلى أموال أهل البلاد المفتوحة، ولم ينصرفوا إلى شئون الكسب والمعاش انصرافاً تاماً، فقد جاهدوا في سبيل اللّه، ونصحوا ونصروا بأموالهم وأنفسهم، وهم في هذا حالة فِريدة في التاريخ العالمي. وأما الغنائم فكانت حلالاً لهم، فأخـذوها وأكلوا منها، وكانت أوسمة من أوسمة الجهاد في سبيل اللّه، فليست غاية في ذاتها. فكانت عزتهم في إسلامهم.

اقرأ ما قاله عمر بن الخـطاب رضي اللّه عنه حين غادر المدينة إلى بيت المقدس ليتسلمها من الروم:

" الحمد لله الذيَ أعزنا بالإسلام، وأكرمنا بالإيـمان، وحصّننا بالقرآن، ورحمنا بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهدانا به من الضلالة وبصّرنا من الجهالة، ورفعنا به من الخمولة، وجمعنا به بعد الشتات و الفرقة، وألف بين قلوبنا، ونصرنا على أعدائنا، ومكن لنا في البلاد، وجعلنا به إخواناً متحابين، فاحمدوا الله عباد الله! على هذه النعمة، وسلوه المزيد فيها والشكر عليها، فإن الله يزيد المستزيدين الراغبين ويتم نعمته على الشاكرين..."[78].


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://1995.forummaroc.net/forum
 
بحث في الفتوح الإسلامية وأسباب انتشار الإسلاممرسل:
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
»  معجزة انتشار الاسلام
» انتشار الاسلام في جنوب افريقيا
» حكم الأناشيد الإسلامية حرام
» التربية الإسلامية ـ الصف الخامس (ترم أول) مراجعة شاملة
» التربية الإسلامية ـ الصف الخامس (ترم أول) مراجعة شاملة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
www.alislam.com :: مواضيع اسلامية :: الايمان-
انتقل الى: